احساس مجروح

الأربعاء، 20 أكتوبر 2010

طه حسين - من كتاب لغو الصيف إلى جد الشتاء

كنا نلغو أثناء الصيف ، فلنجد أثناء الشتاء ، وما الذي كان يمنعنا من اللغو أثناء الصيف ، وفي الصيف تهدأ الحياة ويأخذها الكسل من جميع أطرافها فتوشك أن تنام ولا تسير على مهل يشبه الوقوف ، وفي أناة تضيق بها النفوس . كل أسباب النشاط مؤجلة إلى حين ، غرف الاستقبال مقفلة ، وملاعب التمثيل مغلقة أو كالمغفلة ولا تذكر الموسيقى والغناء .
***
- هي عاطفة طبيعية تسيطر علينا في أكثر ما نعمل وفي أكثر ما نقول ، وأي غرابة في أن يكون الميل إلى تمصير الحضارة الأجنبية على اختلاف فروعها أظهر ما تمتاز به حياتنا العامة في عصر كهذا العصر الذي نعيش فيه قد اشتدت فيه النهضة الوطنية وقوي فيه الشعور بالقومية المصرية وظهر فيه الحرص واضحاً جلياً على أن تكون شخصيتنا بارزة لا لبس فيها ولا غموض ؟ وقد مضى عصر كنا نستعير فيه الحضارة الأجنبية استعارة من أوربا ونجهر بذلك ونقدم عليه لا نجد فيه حرجاً ولا نحس منه حياء ثم مضى عصر آخر كنا نسرع فيه إلى هذه الحضارة الأجنبية مبتهجين بالإسراع إليها مفاخرين بالأخذ بأسبابها يمتدح الرجل منا بأنه يحسن مجاراة الأوربيين في هذا الأمر وذاك ، ويحسن تقليد الأوربيين في التفكير والقول وغيرهما من أساليب الحياة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق